الثلاثاء، 2 ديسمبر 2025

مفاتيح الزمن و عملات وطوابع عبرت المحيطات .. عمل فني أبدعه باهر شوكت

المهندس الفنان باهر شوكت

القاهرة - فادى لبيب : في مساحة خشبية هادئة، ووراء زجاج يحفظ نبض الأشياء، يقف هذا العمل الفني الفريد ليحكي قصته دون أن ينطق. مفاتيح قديمة من عصور مختلفة، عملات معدنية فقدت أصوات جيوبها، وطوابع بريد عبرت المحيطات تحمل رسائل مجهولة… كلها تجتمع هنا في إطار واحد، لتصنع مشهداً يفيض بالحنين والأناقة وتاريخ البشر في أسفارهم ...


العمل الفني ــ الذي أبدعه المهندس الفنان باهر شوكت ــ لا يقدم مفاتيح بمعناها المألوف، بل يقدّم مفاتيح من نوع آخر: مفاتيح الذاكرة، مفاتيح الأماكن، ومفاتيح القصص التي لم تُروَ. كل قطعة تبدو كما لو أنها استعادت حياتها، وقد خرجت من صناديق منسية أو حقائب سفر استقرت طويلاً في عتبات الزمن، لتجد نفسها الآن في تكوين بصري يضج بالحركة رغم سكونه.


اللافت أنّ الفنان لم يكتفِ بعرض المفاتيح والعملات والطوابع كقطع منفصلة، بل رصّع خلفيتها بقصاصات صحفٍ وصورٍ من حقبة القرن العشرين، تتحدث عن حقائب السفر، وعن نصائح للأرستقراطيين، وعن عالمٍ كانت فيه الرحلة حدثاً مهيباً يبدأ بمفتاح حقيبة وينتهي بختم على جواز سفر. هذا المزج بين المادة والصورة، بين الحديد والورق، يمنح العمل روحاً وثائقية ويحوّله إلى نافذة تُطلّ على زمنٍ كامل.



في هذا الإطار الطويل، تتجاور المفاتيح بأشكالها المتنوعة: بعضها ضخم ذو رأس مزخرف يشي ببيوت أرستقراطية، وبعضها صغير ربما فتح خزانة خشبية أو صندوق أسرار. تُجاورها عملات معدنية مختلفة، منها ما يحمل آثار الزمن على سطحه، ومنها ما احتفظ ببريقه. أما الطوابع البريدية فتكمل المشهد بلمسة حنين، كأنها رسائل لم تصل، أو ذكريات بقيت تعلق على الزمن.




الصورة ليست مجرد تجميع مقتنيات؛ إنها قصيدة بصرية تحتفي بالجمال الكامن في الأشياء البسيطة، وتعيد الاعتبار لما نتركه وراءنا من آثار. فكل مفتاح هنا يحمل احتمال قصة. وكل عملة كانت في يد إنسان. وكل طابع مرّ عبر مدينة أو قارة. والفنان يجمع كل ذلك ليصنع عملاً يليق بالتأمل والاقتناء، عملاً يضع المتلقي أمام سؤال بسيط وعميق:


ماذا تفتح المفاتيح عندما لا تكون هناك أبواب؟

الجواب يأتي من داخل الإطار: تفتح الذاكرة.


المهندس الفنان باهر شوكت، يقدم بهذا العمل تحية فنية للزمن، وللرحلات، وللمسافر الذي لا نراه لكنه يترك أثره .. حاملا دفء التاريخ وبهجة الاكتشاف وسحر الأشياء التي لا تموت.


عملٌ يلتقط الحياة من تفاصيلها الصغيرة ..  ويعيد تقديمها كفن خالد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق