القاهرة - أ.ق.ت - كتب/ هيثم الفرسيسي : أصدر المركز المصري لحقوق المرأة اليوم دراسة جديدة بعنوان "مدن بلا نساء: كيف يطرد التخطيط العمراني النساء من الفضاء العام. ؟ " ، وذلك في إطار حملة "طرق آمنة" الإلكترونية التي أطلقها المركز بمناسبة الحملة الدولية الـ ١٦ يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة ...
تأتي الدراسة لتؤكد على أهمية الحملة الإلكترونية " طرق آمنة " التي يطلقها المركز ، حيث كشفت أن البيئة العمرانية في كثير من المدن صممت بعقلية ذكورية مهيمنة ، ما جعلها أداة فعالة لإقصاء النساء وترسيخ الأدوار النمطية .
وأكدت الدراسة أن هذا الإقصاء المكاني يمثل شكلاً خفياً من العنف القائم على النوع الاجتماعي ، حيث يقيد حركة المرأة ويحد من حريتها ويقلص مشاركتها في الحياة العامة.
رصدت الدراسة جملة من التحديات التي تواجهها النساء في الفضاء العام ، وأبرزها :
١ . تنقل غير آمن : تصميم أنظمة النقل العام يخدم بشكل أساسي "المسافر النموذجي" (الرجل) ، متجاهلاً رحلات النساء الأكثر تعقيداً والمتعددة الأغراض (بين الرعاية والتسوق والعمل). كما تزيد الإضاءة السيئة والممرات الضيقة من مخاطر التحرش والعنف.
٢ . فضاءات عامة طاردة : تصميم الشوارع والميادين والحدائق يفتقر لمراعاة احتياجات المرأة، مما يخلق بيئة غير آمنة تدفع النساء لتجنبها أو "الاختفاء" داخلها كآلية للدفاع عن النفس.
٣ . إهمال عبء الرعاية : يؤدي التوزيع غير العادل للخدمات (كالحضانات والمستشفيات والأسواق) إلى إطالة المسافات وزيادة الوقت والجهد الذي تكرسه النساء في التنقل لأداء أعمال الرعاية غير المدفوعة.
٤ . تأثير مضاعف على الفقيرات : تتحمل النساء ، خاصة ذوات الدخل المحدود في المناطق العشوائية ، العبء الأكبر لغياب الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي ، مما يعرض صحتهن للخطر ويفقدهن فرص التعليم والعمل.
الدراسة قدمت نماذج ملهمة من مدن حول العالم (مثل فيينا النمساوية ، وأوميو السويد ، ومدينة ناغا الفلبينية) نجحت في تطبيق " التخطيط المراعي للنوع الاجتماعي " ، مما أدى إلى خلق فضاءات عامة أكثر أماناً وشمولاً للجميع ، وأثبت أن تحقيق "طرق آمنة" للمرأة ليس مستحيلاً.
خلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات العملية لتحويل المدن إلى فضاءات شاملة للنساء، جاءت مكملة لأهداف حملة "طرق آمنة"، ومنها : إطار مؤسسي وسياسي: تطبيق "الميزانية المراعية للنوع الاجتماعي" وضمان تمثيل المرأة في لجان التخطيط العمراني.
تصميم عمراني آمن : تنفيذ "تدقيقات مجتمعية للأمان" بقيادة النساء لتحسين الإضاءة وتصميم الأرصفة، وتعزيز إجراءات السلامة في وسائل النقل العام.
البيانات والأبحاث : جمع البيانات المصنفة حسب النوع الاجتماعي لتحليل أنماط تنقل النساء، وإدماج مادة " النوع الاجتماعي والتخطيط " في المناهج الأكاديمية.
وصرحت الأستاذة نهاد أبو القمصان رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة قائلة " تأتي هذه الدراسة لتؤكد على أهمية حملتنا ' طرق آمنة ' ، حيث تكشف أن استمرار تهميش احتياجات المرأة في التخطيط العمراني يعني إهداراً لفرصة بناء مدن منتجة وآمنة للجميع.
وأصافت "أبو القمصان"، قائلة : نحن أمام واجب أخلاقي وضرورة تنموية لإعادة تصميم فضاءاتنا لتكون حاضنة للنساء ، وليس طاردة لهن ". وأضافت "ندعو صناع القرار والمخططين إلى تبني هذه التوصيات ، والاستفادة من الدروس العالمية، للانتقال من مرحلة 'مدن للرجال فقط' إلى 'مدن للجميع' ، حيث تكون العدالة المكانية أساساً للعدالة الاجتماعية."


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق